الحرب الخفية بين إيران وإسرائيل... إلى أين؟

في الشرق الأوسط، كل شيء يبدو ساكنًا أحيانًا... لكنه ساكن كهدير البحر قبل العاصفة. خلف العناوين الباردة وتقارير الأخبار الجافة، تخوض إيران وإسرائيل حربًا صامتة... شرسة... ومليئة بالأسرار. إنها حرب لا تُخاض في ساحات مكشوفة، بل في الظلال، في سماء الليل، في شاشات المخابرات، وفي صدى الانفجارات التي لا يعترف بها أحد.

ليست هذه حربًا كغيرها. إنها صراع وجود، معادلة دقيقة بين نار لا تُخمد وكبرياء لا يتنازل.
إسرائيل ترى في إيران تهديدًا لا يُحتمل، في سلاحها، في خطابها، في وكلائها.
وإيران ترى في إسرائيل خصمًا غاصبًا، يجب أن يُواجه، ولو عبر الزمن، ولو من بعيد.

لا يُعلن الطرفان الحرب، لكنهما يتقاتلان كل يوم. في سماء دمشق، في أنفاق غزة، في الأزقة الخلفية لبيروت، وحتى في مراكز الأبحاث النووية الإيرانية.

في هذه الحرب، لا يظهر الجنود، بل يظهر أثرهم.
عالم نووي يُقتل في طهران... انفجار غامض في منشأة حساسة... غارة على قافلة سلاح في صحراء سوريا...
ثم صمت.
لكن كل طرف يعرف من فعلها.
وكل طرف يرد بطريقته... أحيانًا بعد أيام، أحيانًا بعد شهور، ولكن الرد دائمًا قادم.

وكلاء... يحركهم الغضب والإيمان

في غزة، في لبنان، في اليمن، وحتى في العراق... تتحرك الأذرع، وتتشكل الجبهات.
صواريخ تُطلق، طائرات مسيرة تنفجر، وصوت الناس تحت الأنقاض يعلو بالسؤال:
إلى متى؟ ومن يدفع الثمن؟

هل اقتربت ساعة الانفجار؟

الجميع يعلم أن هذه الحرب الخفية يمكن أن تنفجر في أي لحظة.
طلقة واحدة خاطئة، أو اغتيال بصدى أكبر من المتوقع، أو رد فعل خارج الحسابات...
وقد تشتعل المنطقة بأكملها.

لكن الطرفين يلعبان بالنار بحذر. لا يريدان الانفجار، ولا يستطيعان التراجع.
إنها لعبة على الحافة... والسقوط فيها قد يكون كارثيًا للجميع.


ربما نحو جولة جديدة من التصعيد... وربما نحو فرصة ضائعة للسلام.
لكن الأكيد أن هذه الحرب، وإن كانت خفية، فآثارها ليست كذلك.
فهي تكتب مصير أجيال، وتطبع وجه المنطقة بالخوف والدم.

محمد ولد عمار