مهرجان التمور الدولي في كيفه: نجاح متجدد وتوصيات لمستقبل مشرق/محمد ولد عمار

أُسدل الستار مؤخرًا على فعاليات النسخة الرابعة من المهرجان الدولي للتمور الموريتانية، الذي احتضنته مدينة كيفه بولاية لعصابة خلال الفترة من 25 إلى 27 يوليو 2025، وسط مشاركة دولية واسعة ووجود لافت لمزارعي النخيل وخبراء الزراعة والاقتصاد وممثلي المجتمع المدني.

المهرجان الذي تنظمه وزارة الزراعة الموريتانية سنويًا بالتعاون مع جائزة خليفه لنخيل التمر و الابتكار الزراعي، تحول إلى موعد ثابت يحتفي بالتمور، ليس فقط كمنتج زراعي، بل كعنصر ثقافي واقتصادي وحضاري، يشكل لبنة أساسية في تنمية الواحات وتعزيز الأمن الغذائي وتثمين الموروث المحلي.


تميزت نسخة هذا العام بمشاركة دولًا شقيقة وصديقة، ما أضاف بعدًا دوليًا على المهرجان، ورسّخ موقع موريتانيا كفاعل واعد في مجال زراعة النخيل وتجارة التمور.
وتجلّى البعد الاقتصادي للمهرجان من خلال المعارض التجارية التي شهدت توافدًا جماهيريًا واسعًا، وفرصًا حقيقية للترويج للمنتجات المحلية، كما مثّلت الندوات العلمية منبرًا لتبادل الخبرات حول أحدث تقنيات الري والإنتاج وتحسين الجودة.


وفي خطوة تحمل دلالات تنموية، سيتم توزيع 300 فسيلة من صنف “المجهول” عالي الإنتاج على عدد من الواحات، في إطار اتفاقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ضمن مشروع متكامل يستهدف النهوض بقطاع النخيل في موريتانيا.

رئيس جهة لعصابة وعمدة بلدية كيفه أكدا، في تصريحات متفرقة، أن المهرجان شكّل رافعة اقتصادية حقيقية للمدينة، وأسهم في تحريك العجلة التجارية والثقافية، مطالبين بتحويله إلى تظاهرة سنوية ثابتة.


لم يقتصر المهرجان على الجانب الزراعي والاقتصادي، بل شكل أيضًا فضاءً ثقافيًا متنوعًا، احتضن سهرات فنية، ومسابقات للرماية التقليدية، وعروضًا تراثية، مما أضفى طابعًا شعبيًا حيويًا على الأجواء، وعزّز من حضور الموروث الوطني كعنصر جذب وارتباط بالأرض.

بناءً على فعاليات النسخة الرابعة، خرج المشاركون بمجموعة من التوصيات أبرزها:

تعزيز التغطية الإعلامية الجهوية لضمان وصول أوسع للمعلومة، وتوسيع نطاق التأثير الشعبي للمهرجان.

توسيع برامج توزيع الشتائل عالية الجودة وتوفير الدعم الفني للمزارعين، خاصة في المناطق ذات الإمكانيات الواحاتية الكبيرة.

بلورة إستراتيجية وطنية للنخيل والتمور، تربط بين الإنتاج والتصنيع والتسويق المحلي والدولي.

دمج أوسع للمكون الثقافي والتقليدي في فعاليات المهرجان، لترسيخ الهوية الموريتانية وإبراز غناها وتنوعها.

العمل على تدويل الحدث أكثر، من خلال دعوة مستثمرين دوليين، وفتح المجال أمام شراكات في الصناعات التحويلية المرتبطة بالنخيل.


أثبت مهرجان التمور الدولي في كيفه، في نسخته الرابعة، أنه أكثر من مجرد تظاهرة زراعية؛ إنه فضاء للتفكير في مستقبل الزراعة المستدامة، ونافذة مفتوحة على العالم لعرض ما تكتنزه موريتانيا من فرص واعدة في مجال النخيل والتمور.
وإذا ما تم الأخذ بالتوصيات المطروحة، فإن المستقبل القريب قد يحمل لموريتانيا مكانة متقدمة في خارطة التمور إقليميًا ودوليًا.