
في عمق الشرق الموريتاني وتحديدا مقاطعة جيگني حيث تمتد القرى على أطراف الصحراء وحيث تحمل الوجوه آثار السنين كما تحمل الرمال آثار الرياح .
وقف الناس في انتظار زيارة رئيس الجمهورية. لم تكن المناسبة مجرد بروتوكول سياسي؛ بل كانت لقاءً بين الدولة ومواطنيها في أبسط، وأصدق، وأشدّ لحظاتها الإنسانية.
وسط الحشود برز صوتٌ مختلف. امرأة تقدّم بها العمر، رسمت على وجهها خرائط الزمن بكل محطاته وتعرجاته .
بدت وكأنها تحمل شهادات عقود من الصبر والعمل والمعاناة. لم تحمل لافتة، ولم ترفع مطلبًا سياسيًا، لم تحتج، ولم تخطب. كل ما فعلته أنها صرخت من أعماق القلب:
"أريد حجة لبيت الله!"
صرخةٌ لم تُطلب لها مكبرات صوت، ولم تُهيَّأ لها كاميرات إعلام، لكنها وصلت مباشرة، خالصةً، إلى الرئيس. ولم يكن الردّ خطابًا ولا وعدًا مؤجّلًا؛ كان فعلاً مباشرا تكفل بنفقات حجها.
هنا يصبح المشهد أكبر من حادثة فردية. إنه نصّ اجتماعي كامل يمكن قراءته أو التأليف فيه ...
هكذا هي موريتانيا في الطلب وهكذا هي في الاستجابة ومابينها أمور متشابه يحكي فيها حتي يجف الحبر.

