ظل الخطر / محمد ولد عمار

في خضم الأزمات المتلاحقة التي تضرب منطقة الساحل الإفريقي، من هجمات  متصاعدة، إلى صراعات سياسية وتحديات بيئية خانقة، يطل استقراء للأوضاع  برؤية مختلفة، أقرب إلى تنبأ  استراتيجي يثير التحديات ويعطي تحليلا متعدد الأبعاد للقائم و المتوقع.

"الساحل لن يُحمى بالبندقية وحدها"، هكذا يلخص  الموقف. فالقضية  أعقد من مجرد حرب ضد جماعات مسلحة، إنها معركة وجودية على التنمية والاستقرار.

إن التركيز على القوة العسكرية – رغم أهميته – أثبت محدوديته. ما تحتاجه المنطقة، هو قوات محلية قوية، تتكامل مع شراكة إقليمية صادقة بين دول الساحل الخمس. مع ضرورة إدخال التكنولوجيا الحديثة في مراقبة الحدود الشاسعة، التي طالما كانت الممر السهل للجماعات المسلحة والمهربين.

لكن القضية لا تتوقف عند حدود الأمن. فالجماعات المسلحة، لا تنمو في الفراغ بل في بيئة فقيرة مهمشة. لذلك يجب  الاستثمار في الزراعة، وضمان الأمن الغذائي، وربط القرى النائية بالمدن عبر مشاريع بنية تحتية حيوية. أما الشباب، فهم  "القنبلة الموقوتة"، ولا سبيل لنزع فتيلها إلا بالتعليم والتكوين المهني.

إن الساحل تحوّل إلى ساحة تجاذب بين القوى الكبرى. وهنا تكمن الفرصة والخطر في آن واحد: على الحكومات أن تنوّع شراكاتها دون ارتهان لأي طرف، وأن تجعل التنمية المستدامة شرطًا ملازمًا لكل اتفاق أمني أو اقتصادي.

إن التغير المناخي في الساحل ليس ملفًا ثانويًا. التصحر، شح المياه، وانحسار المراعي كلها عوامل تغذي النزاعات. والحل،  في التشجير، وإدارة الموارد المائية، والرهان على الطاقات المتجددة التي تزخر بها المنطقة.

إن المعادلة واضحة: أمن رادع + تنمية عادلة + شراكة متوازنة. هذه الثلاثية وحدها، كفيلة بتحويل الساحل من بؤرة صراع إلى مساحة أمل. لكن السؤال الكبير يبقى: هل تملك دول المنطقة الإرادة لتبني مثل هذه الرؤية؟