قراءة في التعديل الوزاري الأخير / محمد ولد عمار

شهدت الساحة السياسية الموريتانية تعديلاً جزئياً في حكومة الوزير الأول المختار ولد انجاي. تعديل لم يكن واسعاً في عدد الحقائب، لكنه بدا لافتاً في توقيته ودلالاته، وأثار جدلاً حول ما إذا كان مجرد تبديل في الأسماء أم خطوة نحو إصلاحات أعمق.

التعديل بدا رسالة مزدوجة، فهو محاولة لضخ دماء جديدة في بعض القطاعات التي واجهت صعوبات في الأداء، وفي الوقت نفسه إشارة إلى حرص النظام على الاستمرارية وعدم إحداث قطيعة شاملة. كما أنه حمل بعداً توازنيا، حيث بدا وكأنه يسعى لإرضاء بعض المكونات السياسية والاجتماعية عبر إدخال أو تثبيت وجوه بعينها، بما يضمن نوعاً من الانسجام داخل المشهد السياسي.

ولم يكن الاقتصاد بعيداً عن التعديل. فارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية وضغط البطالة كلها ملفات ألقت بظلالها على التغيير. لذلك كان لافتاً أن يشمل التعديل قطاعات مرتبطة مباشرة بالحياة اليومية للمواطن، في محاولة لإعطاء انطباع بأن الحكومة تضع الجانب المعيشي في أولوياتها.

البعد الاجتماعي لم يغب بدوره، فقد حمل التعديل إشارات إلى التمثيل المناطقي والشرائحي، وهو ما يقرأه البعض على أنه محاولة لطمأنة فئات تشعر بالتهميش. هذه الرسائل الرمزية وإن بدت بسيطة، إلا أنها تكتسي أهمية في بلد متعدد المكونات مثل موريتانيا.

أما ردود الفعل فجاءت متباينة. الشارع استقبل التعديل بحذر، حيث أبدى البعض ارتياحه لتغيير بعض الوجوه، بينما اعتبر آخرون أن مشاكلهم أكبر من مجرد تعديل جزئي. المعارضة وصفت الخطوة بأنها "غير كافية"، معتبرة أن المطلوب تغيير في السياسات لا في الأشخاص. أما الإعلام فانقسم بين من رأى في التعديل معالجة لبعض مواطن الخلل، ومن اعتبره مجرد إعادة تدوير للنخب السياسية.

يبقى السؤال الجوهري هنا: هل سينجح الوزراء الجدد في تحويل التغيير الجزئي إلى نتائج ملموسة على الأرض؟ فالتجارب السابقة علمت الشارع أن التعديل وحده لا يكفي، وأن الحكم الحقيقي يكون على الأفعال لا الأسماء.

في النهاية، أعاد التعديل الجزئي لحكومة ولد انجاي النقاش حول جدوى هذه التغييرات المحدودة، لكنه يعكس إدراك السلطة لحجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. النجاح سيبقى رهيناً بقدرة الفريق المعدل على كسب ثقة الناس من خلال إنجازات ملموسة، لا بوعود مؤجلة.